recent
أخبار ساخنة

لماذا شرع الله التعدد للرجال - Polygamy

لماذا شرع الله التعدد للرجال - Polygamy

لماذا شرع الله التعدد للرجال - Polygamy

أتضايق حقيقة من النظرة السائدة لدى الإخوة الأفاضل ممن ينظر للتعدد باعتباره نوع من كيد العوازل، وأن هذا حقي وسوف أقوم به ولا أبالي بأي أحد أو بقلب أي امرأة، والأمر في رأيي يحتاج للكثير من الموازنة وفهم لمقاصد الإسلام فيه.

وأنا صدقًا أتفهم كل الألم الذي يعتري نفس المؤمنة إذا أخبرها زوجها: حبيبتي، أنا سوف أتزوج غيرك، وأنام في حضن امرأة غيرك، وأخبرها بكل كلمات الحب التي لطالما أخبرتك بها وأنتِ تظنين أنها لن تخرج إلا لكِ، وأمارس معها كل الأمور الحميمية التي كنتِ تظنين أنها تعني أننا كنا لبعضنا وسنظل لبعضنا أبد الدهر.

كيف تطالب إنسانًا عاقلًا ألا يسبب له هذا الألم؟
أتخيل كل ما تمر به من تعيش هذه التجربة، والإنسان أضعف دينًا وإيمانًا مما يظن، ولربما لو كان واحد من آلاف المتشدقين من الإخوة بأن هذا لضعف إيمان النساء الفضليات حَوَّله الله عَزَّ وَجَلَّ لامرأة ومر بما تمر به لربما كان حاله أسوأ، ولربما كانت شكايته أكبر، ولربما لم يصبر على الدين.

ولكن ما يهمني في كل ذلك، هو لماذا إذن؟ لماذا التعدد؟ طالما أنه قد يسبب كل هذا الأذى البالغ لنفسية المرأة؟

أتضايق حقيقة أيضًا من النظرة السائدة لدى النساء الفضليات بأنه من الطبيعي أن نكره التعدد، باعتبار أن هذا هو طبع المرأة، ولكن أتساءل حينها، ولماذا يشرع الله عَزَّ وَجَلَّ شيئًا من (الطبيعي) أن يكرهه نصف خلقه المكلفين إذن؟ ألم يعلم الله عَزَّ وَجَلَّ بهذه (الطبيعة) أم كان غير مبال بها والعياذ بالله؟!

دعونا أولًا ننظر للرجل كفرد، إنسان متزوج وقع في الحب لامرأة أخرى، أو شعر بمزيد من الشهوة لغيرها، فتزوج من أخرى.

الآن، هل هذا هو التصرف الأمثل؟ هل الإسلام يحثه على إشباع 100% من غرائزه؟ هل لأجل أن التعدد مباح يجب عليه أن يأتيه؟ هل يفعل ذلك مع كل الصعوبات النفسية والمادية والاجتماعية فقط لإرضاء شهوته أو رغبته؟

في الحقيقة لا أجد أن هذا هو التصرف الأمثل في أغلب الأحيان، كان خير له لو يغض بصره ويصرف فكره عنها، كان خيرًا له لو يعوّد نفسه على الصبر عن الشهوة والغرام، إذ إنه حتى لو تزوج من أربعة فسيضطر لذلك الصبر في النهاية، لأنه لا وجود للخامسة، وهو إن تعود على إشباع غرائزه فلن تكفيه حتى الخمسمائة، لا وجود للإشباع الكامل للشهوات في الإسلام.

وماذا عليه لو ترك أمرًا مباحًا لأجل خاطر وقلب زوجته وحبه لها؟! أليس هذا أفضل؟

ولكن كنا نتحدث منذ قليل عن التشدق بالإيمان، فمن أدراكِ أيتها الأخت الفاضلة أن الله عَزَّ وَجَلَّ لو قلبك ذكرًا وكنتِ مكانه أنك لم تكوني لتقومين بذات الفعل، بل ربما ما هو أسوأ.

إذن مطالبة كل إنسان أن يقوم بالتصرف الأمثل في كل موقف أمر مستحيل.

والآن دعينا نتحدث عما فعله الإسلام في مثل هذا الموقف الذي مر به الرجل.

هل يخبره الإسلام أن عليه أن يزني؟ وتتداخل الأنساب والأعراض وتكبر الأطفال في الشوارع وتتشتت الأسر ويضيع الحياء بين الناس؟ بالتأكيد لا.

هل يخبره الإسلام أن عليه أن يستبدلها بكِ ويطلقك ويذهب إليها يتزوجها، فيبني بيتًا على حساب هدم بيت، ويكسر بقلب في مقابل جبر قلب آخر؟ بالتأكيد لا، هذا ظلم بَيِّن.

هل يخبره الإسلام أن عليه أن يصبر ويحفظ نفسه وزوجته ويصون عشرتها ولا يؤذيها بما لا تحتمله؟ بالتأكيد نعم.

فماذا عند ضعف الإنسان كما قلنا، ماذا لو وصل به الأمر إلى عدم احتمال ذلك، ثم إلى اختيار من الاثنين السابقين؟

حينها طرح له خيارًا رابعًا أباحه له بشروط، وهو جمع الزوجتين، يمكنه به أن يسبب ضررًا ولكن أقل من ضرر آخر لدينه ولدنياه ولدينك ولدنياكي.

ولكن أليست المرأة معرضة لذات الاختبار؟ بالطبع نعم.

ولكن الرجل قوَّام على المرأة بنفقته وبتوفيره لها الأمان ومتطلبات العيش، في مقابل أن تكون له وحده، بينما المرأة غير مطالبة بشيء من ذلك، فلو كان حق التعدد يكون مع أحدهما، فكيف يكون؟

وهناك سبب ثانٍ وهو في ضمان نسبة الأولاد إلى أبيهم، وهو ما سيكون غير مقدور عليه في حالة عددت المرأة من الرجال أكثر من واحد.

وهناك سبب ثالث وهو ما في المرأة من الحياء ما يمنعها من تعدد العلاقات.

وهناك سبب رابع وهو أن المرأة أوفى بحبها من الرجل، فتصير كلها له، بينما الرجل أنقص في ذلك الخلق الكريم منها فقد يتجزأ إلى جزأين وأكثر.

نتحدث عن شريعة تراعي الجميع، تراعي كل الظروف وكل الضعف الإنساني المحتمل وتضع كل الحلول والبدائل الممكنة.

ولم يدع أحد قط أن هذا ليس فيه ضرر للمرأة ولا للأولاد، ولا للزوج نفسه المطالب الآن بإنجاح بيتين، ولكنه ضرر ربما يكون أخف من أضرار كثيرة.

ثم تعالي ننظر إلى أمر آخر..

بماذا فعلت الشريعة في المجتمع من تشريع التعدد من أمور حسنة كثيرة؟!

هناك أمور كثيرة في فساد العلاقات الزوجية سببها في الأساس شيء واحد: أن فرصة كل من الرجل والمرأة في الزواج هي فرصة واحدة، لو ضاعت غالبا يصعب وجود فرصة أخرى!

هل تدرين ماذا يمكن أن يحدث في مجتمع يعاني من ذلك؟

أما المجتمع الذي ينتشر فيه التعدد يكون على اليسير على الأرملة والمطلقة الزواج مجددًا، لن تكون هناك مشكلة نعوسة بينهن فضلًا عن أن تكون بين العازبات.

تخيلي مجتمعًا مثل مجتمعنا، نسبة العنوسة فيه تصل إلى 38%، 55% منهم من حاملي الدراسات العليا!

لماذا ذلك؟ لأسباب كثيرة، تعقيدات كثيرة، اجتماعية واقتصادية ونفسية.

وكل هذه التعقيدات مشمولة في سبب وحيد، وهو أن الزواج يتم مرة واحدة في العمر.

فعليه سوف يرتاب كل طرف في الآخر، وسوف يعقّد الأهل أمام الزوج الأمور كي يضمنوا ولاءه وعدم طلاقه لابنتهم بعد سنين قليلة فتظل وحيدة طوال العمر، وعليه سوف يُغالَى في المهر، ويطلب قائمة.. و..و

ولكن بانتشار التعدد، فالمعدِّد عادة، لن يتزوج الثانية بكرَا غير (سامحيني) أن يكون بها عيب في نظر الناس، بحيث تقبل أن تكون زوجة ثانية، لأنه لو أراد أن يتزوج الثانية بكرًا وتكون مكافئة له من ناحية المال والجمال، فغالبًا لن تقبل، لأن فرصها أن تكون زوجة أولى وحيدة لغيره كبيرة، فلماذا ترضى بأن تكون زوجة ثانية.

فماذا يحدث إذن؟ بتشريع بسيط مثل التعدد، وبشكل طبيعي جدًا وتلقائي، حتى لو لم تكن هذه نية الشخص المعدّد، فسوف يؤدي هذا إلى أن تتزوج الكبيرات في السن ومتوسطات الجمال والأرامل والمطلقات وذوات الأولاد والفقيرات والعاجزات.

كل ذلك لأن سقف الطموحات لدى الرجال قل بتشريع بسيط.. الحق بالزواج من أخرى.

هذا أدى إلى وجود زيجات كثيرة بها مطالب سقفها محدود بالنسبة للرجل، لأنه يعلم أن المطالب ذات السقف المرتفع ربما لا تتحقق في حالته أبدًا وهو يعدد. فتقل العنوسة في المجتمع وهذا هو بالظبط عين ما كان يحدث عند العرب في صدر الإسلام.

ثم ماذا يحدث عند ذلك أيضًا؟ ماذا يحدث في المجتمع بانتشار التعدد؟ عندما يصبح زواج المطلقات بالذات سهلًا بسبب التعدد، إلى ماذا يؤدي ذلك؟

يؤدي إلى أن المرأة لا تصبح مضطرة لاحتمال سوء خلق زوجها، الذين يشربون الخمر والمخدرات والذين يضربون زوجاتهم والذين لهم علاقات محرمة و.. و.. يقال لهؤلاء الزوجات من أهاليهن: احتملن كي لا تصبحن في الشارع أنتن وأولادكن.!

لأنهن يعشن في مجتمع بنسبة عنوسة 38% نصفهن معهن الدكتوراة، فما هي فرصها إذن حين تطلق؟ هكذا تقول لنفسها.
وهكذا تحتمل السوء والمهانة حتى ربما تُقتَل على يد حلّوف يضربها حتى تموت ولم تتركه خوف الوحدة.

فلو نظرتي إلى المجتمع ككل تجدين أن الشريعة الغراء راعت الجميع.

وهناك من الناس من سيأخذ من هذه المباحات لا لأغراضها الشرعية ولكن لأغراضها الشخصية، بل ربما يتزوج أربعة ويطلق واحدة ليتزوج الخامسة، ويطلق واحدة ويتزوج السادسة، وكل هذا لا يعنينيا في شيء، لأن المستغلين للقوانين المباحة بفعل ما هو سيء موجودون في كل زمان ومكان، ولربما لو لم يكن هذا القانون موجودًا لفعلوا ما هو أسوأ ولم يبالوا بالحرمة كما لم يبالوا في الأولى بمقصد الإسلام.

نعم، بكل وضوح، أقول لك أيتها الأخت الكريمة. التشريع الإسلامي الخاص بجواز التعدد قد يتسبب في أن تتأذي نفسيًا إن طبقه زوجك معك.

ولكن الإسلام ضحى بهذا الألم منك مقابل الكثير من الخير العام للناس جميعًا، وطلب منكِ أن تتحملى أنتِ أيضًا وأن تعلمي أن ما أصابك من البلاء فالله ليس بغائب عنكِ وهو والله أقرب إليكِ من حبل الوريد!

د.مهاب السعيد


google-playkhamsatmostaqltradent